د. عماد محمد مجاهد : ليلة اكتمل فيها القمر
في يوم 27 مارس، 2025 | بتوقيت 5:57 م

كتبت: شيرين محمد
بعد أن انتهينا من صلاة العشاء والتراويح، بينما أسير في فلاة من الأرض فإذا القمر بدرًا وقد انتصف رمضان، وفجأة انقطعت الكهرباء عن القرية، فإذا بالقمر يضيء القرية بأكملها، هنا وكأنني أعيش زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – فإذا بسيدنا جابر ابن سمرة – رضي الله عنه – يقول: (رأيتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في ليلة إضحيان (مضيئة مقمرة) وعليه حُلَّة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلي القمر، فلهو عندي أحسن من القمر) رواه الترمذي .
وإذا بأم معبد – رضي الله عنها – يمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بخيمتها مهاجرًا فقالت: “ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه”، الوضاءة: الحُسْن والنّظافة والبَهجَة، أَبْلَج الْوَجْه: قال البغوي: “تريد مُشْرِقَ الْوَجْه مضيئة”(ذكره ابن القيم في كتابه زاد المعاد) .
وإذا بسيدنا كعب بن مالك – رضي الله عنه- يقول: (وكان إذا سُرَّ استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر) (رواه البخاري)، إذا بسيدنا حسان بن ثابت – رضي الله عنه -: يقول:
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ
لقد اصطفى الله سبحانه نبيَّنا – صلى الله عليه وسلم – وفضَّله على العالمين، وفطره على شمائل وصفات عظيمة، ظهرت على سلوكه القويم، وعلى بدنه الشريف، وجوارحه الطاهرة، قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}[البقرة: 253].
قال الزمخشري: “{وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} أي: ومنهم من رفعه على سائر الأنبياء، فكان بعد تفاوتهم في الفضل أفضل منهم بدرجات كثيرة، والظاهر أنه أراد سيدنا محمداً – صلى الله عليه وسلم – لأنه هو المُفَّضَّل عليهم”. ومن ثم فالذين عرفوا النبي – صلى الله عليه وسلم – أحبوه، لِمَا رأوا من كمال خُلُقِه وجمال خَلقه صلوات الله وسلامه عليه، فالقلوب والنفوس تتعلق بالجمال كأمر فِطري، فكيف بمن جمع الله له الجمال والكمال خَلْقاً وخُلقاً ؟.. فمَبْلغُ العِلْمِ فيه أنه بشرٌ وأنه خيرُ خَلْقِ الله كُلِّهِم
فجعلت نفسي كلما نظرت إلى القمر اشتقت إلى وجه النبي – صلى الله عليه وسلم – فأكثر من الصلاة عليه، فاللهم صل على نور الأنوار .
د/ عماد محمد مجاهد
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف