د. اسماعيل عبد الجليل رئيس مركز بحوث الصحراء الاسبق ل ” العالم اليوم”: التعاون الدولي مع كافة الشركاء الطريق للخروج من حرب التعريفات..وزيارة مهمة وصائبة لأسبانيا
في يوم 25 فبراير، 2025 | بتوقيت 8:14 ص

كتب: مني البديوي
” مصر اختارت العمل مع شركاءنا فى الاتحاد الاوربي ومحيطنا الحيوى فى افريقيا وآسيا للخروج من الواقع الحالى والمستقبلى لحرب التعريفات الجمركية …وهو المغزى الدبلوماسى القوى لزيارة الرئيس “السيسى” لأسبانيا فى ذات توقيت زيارته المؤجلة لأمريكا …”…بتلك العبارات التي ربما حملت تحليلا ورؤية مهمة تجاه تحركات مصر في ظل تصاعد دولي وخطوات غير مسبوقة يشهدها الاقتصاد العالمي جراء الرسوم والتعريفات الجمركية التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العديد من الدول تحدث الدكتور اسماعيل عبد الجليل رئيس مركز بحوث الصحراء الاسبق ورئيس المكتب الزراعي المصري في واشنطن الاسبق في حواره مع ” العالم اليوم ” ، مشيدا بالزيارة الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي الي اسبانيا وكيف ان الهدف منها هو الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين الى مستوى الشراكة الاستراتيجية وانها خطوة صائبة نجحت في إرسال رسالة للعالم ان مصر اختارت كالعادة السلام والتعاون الدولي وان التعاون الدولي والمفاوضات السلمية هي السبيل الصحيح والمطلوب لتصحيح اوضاع الاقتصاد العالمي.
واضاف ان بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تشير إلى أن قيمة التبادل التجاري بين مصر وإسبانيا وصلت 3.1 مليار دولار في عام 2024، وبلغ إجمالي الصادرات 1.5 مليار دولار بينما بلغت الواردات 1.6 مليار دولار .
وشدد علي ان الموقع الجغرافي العبقري لمصر بين قارات العالم يعد هو سلاحها الفاعل في مواجهة حرب التجارة العالمية ، علاوة علي المزايا النسبية في المناخ الملائم لتعدد أنواع واصناف الحاصلات الزراعية.
وأكد عبد الجليل انه يجب علي مصر إعادة تقييم أسواق وارداتها طبقا لاسعارها بعد التعريفات الجمركية الجديدة وانتقاء أسواق جديدة لصادراتنا الزراعية طبقا للمزايا النسبية في الإنتاج وتكاليف الاستيراد ، مع اعطاء أولوية للتجارة مع دول ” البريكس” .
واضاف انه يجب ايضا التوسع في خطوط النقل البحري لنقل صادراتنا من الخضر والفاكهة الي أوروبا عبر المتوسط أسوة بالخط الملاحي مع إيطاليا، وإقامة منطقة تخزين للحبوب علي أحدث التقنيات.
واستطرد : انه يجب ايضا إرسال بعثات تجارية الي أفريقيا لتنشيط التعاون المشترك معها وبالأخص في سلع الصناعات الغذائية، وإقامة شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي أسوة بما تم مع أسبانيا.
وأوضح عبد الجليل ان تلك التحركات المصرية تاتي في ظل ما يسود الاقتصاد العالمي حاليا من مناخ تنافسى افسد اسواقه على حساب مصالح الشعوب النامية والفقيرة التى اكتوت بغلاء الاسعار والتضخم وساد بها مناخا “كئيبا” من ” عدم اليقين “.
واضاف ان الرئيس الامريكي ” ترامب ” خلال فترة ولايته الأولى قام باستثمار المادة 232 والمادة 301 من قانون “صلاحيات مواجهة المخاطر الطارئة التى تهدد الاقتصاد والامن القومى” الذى يمنح الرئيس الامريكى استخدام التعريفات الجمركية كسلاح لمواجهة المخاطر ” دون الرجوع الى الكونجرس ” واستهل ولايته الثانية بأفتراض شخصى مفاده ان تعاظم فساد تجارة المخدرات وتهريب السلاح وغيره خلال فتره غيابه عن الحكم كان بسبب تواضع التعريفة الجمركية على المنتجات المستوردة فأعاد استخدام ذات السلاح تحت ستار الأمن القومي ولكن بتعريفات جمركية مضاعفة ومنهج انتقامى انتقائى دون ضوابط أو توازنات .
وحذر من خطورة الخطوات والرسوم الجمركية التي اتخذها الرئيس الأمريكي وكيف انها تتعارض مع قواعد التجارة العالمية القائمة وانها اشعلت حرب تجارية وتسببت في رفع الاسعار بالرغم من زعم فاعلها أن أي اضرر مالية لها سوف تكون قصيرة الاجل !!.
واضاف ان “ترامب” ابتكر مصطلح ” التعريفة الجمركية العقابية ” لتعمد الخلط بين الاقتصاد والسياسة بأعلان عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على دول مجموعة البريكس “البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا ومصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة” عقابا على اقتراحها استبدال الدولار الأمريكي بعملات أخرى للتجارة في الأسواق الدولية.
وقال ان ” التعريفة العقابية ” من امريكا ” ” يقابلها تعريفة انتقامية ” من الدول المضارة مثل الصين و كندا والمكسيك والارجنتين والهند والعديد من الدول النامية التى انتقمت لذاتها بفرض تعريفة جمركية مقابلة على واردات شركاءها الذين صاروا خصوما !! .
واكد ان هناك مخاوف مستقبلية ايضا من اقتباس سياسات “التعريفة الجمركيه العقابية ” كمنهج سياسي فى اداره قضايا البيئة مثل الاتفاقية الاممية الاطارية للتغيرات المناخية وغيرها بفرض تعريفة جمركية مضاعفة على صادرات اعضاءها المتقاعسين عن الالتزام بخفض الانبعاثات الكربوتية!! .
وافاد عبد الجليل ان المؤشرات الاولية السلبية للحرب التجارية تشير الى الاضرار التى اصابت ” الفاعل ” لها بقطاع الزراعة الامريكى الذى يشكل القوة الضاربة لصادراتها من الحاصلات الزراعية ويساهم بنسبة 5.5% من الناتج المحلى الاجمالى ويوفر حوالى 35 مليون فرصه عمل مباشرة وغير مباشرة بالرغم ان فول الصويا والذرة يمثلان 25 % من الصادرات الزراعية الامريكية ( 175 مليار دولارفى 2023 ) الا ان اكبر المستوردين لهما فى الصين انصرفوا الى اسواق فى البرازيل والارجنتين الى حد امتلاء صوامع مزارعي فول الصويا بمخزون راكد بعد أن أوقفت الصين المشتري الأكبر عمليات الشراء تقريبًا مما سوف يجعل من الصعب على المزارعين الأميركيين استعادة حصتهم في السوق.
واضاف ان امريكا خسرت ايضا اسواقها فى المكسيك وكندا والصين بالرغم انها تشكل اكثر من 40٪ من إجمالي التجارة الأمريكية، والتي تقدر قيمتها بأكثر من 2 تريليون دولار.
وشدد علي ان تعمق عدم اليقين الاقتصادي بين المزارعين الامريكان وغيرهم بمخاطر الحرب التجارية وبالأخص عندما يستعيدون ذكريات معانتهم خلال ولايه ترامب الاولى ، موضحا ان مظاهر هاجس عدم اليقين تبرز في تراجع شراء الأراضي والمعدات الزراعية..وغيرها من الاستثمارات نتيجة عدم استقرار السياسات وتقلبات التعريفة الجمركية .
وقال ان امريكا خسرت المكسيك أكبر شريك تجاري زراعي لها في إجمالي صادرات وواردات الحبوب ومنتجات اللحوم ، وان كندا تاتي في المرتبة الثانية.
واستطرد : ان الصين تعد أيضًا واحدة من أكبر شركاء التجارة الزراعية للولايات المتحدة الامريكية وخاصة كمستورد لفول الصويا وان القطاع اصابه حالة ارتباك نتيجة ضبابية وتراجع الاستثمار نتيجة التقلبات المفاجئة والغير متوقعة ” هاجس عدم اليقين ” .
وتابع : ان التعريفات الجمركية الانتقامية يمكن أن تؤدي إلى زيادة تكاليف الانتاج بالنسبة للمزارعين وبالأخص فى الدول النامية تحت وطأه ارتفاع مدخلات الانتاج من الاسمدة والمخصبات والتقاوى والمبيدات وغيرها .
وإضاف ان عدم اليقين ادى ايضا الى تراجع الاستثمارات فى مجالات شراء الأراضي الزراعية والمعدات الزراعية فى غياب استقرار الاسعار .
وقال انه بالرغم ان حرب التعريفات الجمركية لم تكن فى صالح مزارعى الذره وفول الصويا الامريكان الا انها حظيت بتهليل وترحيب مزارعى الثوم فى كاليفورنيا الذين انتصروا بعد سنوات طويلة على منافسه الثوم الصينى لهم حيث كان الثوم الكاليفورني يباع بحوالي 60 دولارًا للصندوق الذي يبلغ وزنه 30 رطلاً في سوق الجملة بينما كان سعر الصينى 20 دولارا فقط للصندوق مما رجح اختياره من المستهلكين بالسعر الاقل الذى ارتفع الى 40 دولارًا حاليا بسبب الرسوم الجمركية الجديدة المتوقع مواصلة ارتفاعها بشكل يجعل الثوم الكاليفورني هو الاختيار الافضل مذاقا والمعقول سعرا .