الأعلى للثقافة يطلق مؤتمر “البيئة في الأديان السماوية” و يناقش الدعوة للحفاظ عليها

في يوم 5 فبراير، 2025 | بتوقيت 7:03 م

كتبت: شيرين سامى

انطلق صباح اليوم الأربعاء مؤتمر “البيئة في الأديان السماوية” تحت رعاية أ.د. أحمد فؤاد هنو- وزير الثقافة و بحضور : الدكتور أشرف العزازي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، و فضيلة الدكتور محمد الأمير “المنسق العام لبيت العائلة المصرية”،ونيافة الأنبا أرميا الأمين العام المساعد لبيت العائلة المصرية. والذي نظمته لجنة الجغرافيا والبيئة بالمجلس الأعلى للثقافة ومقررها الدكتور عطية الطنطاوي، ولجنة التعليم ببيت العائلة المصرية ومقررها الدكتور عبد المسيح سمعان .

قدمت المؤتمر الدكتورة منى نور الدين، أمينة المؤتمر ووكيل كلية الدراسات الإنسانية بنات بجامعة الأزهر ، مؤكدة أن جميع الديانات السماوية اهتمت بالحفاظ على البيئة، و أشارت إلى أن مصر أول مهبط للوحي الإلهي، ومعبر الأنبياء والمرسلين، كما كانت هدية مصر لأبي الأنبياء “إبراهيم” (عليه السلام) هي هاجر المصرية أم إسماعيل وأم العرب، وبمصر كان مسار العائلة المقدسة، وقد ذكرت في القرآن الكريم في خمسة مواضع.
و أوضحت أنه في ظل التغيرات المناخية والمشكلات البيئية لا بد أن نتوقف أمام تلك التحديات في هذا المؤتمر المهم.

و فى كلمته ، تحدث الدكتور عبدالمسيح سمعان، مقرر لجنة التعليم ببيت العائلة المصرية وعضو لجنة الجغرافيا والبيئة بالمجلس الأعلى للثقافة حول اهتمام الديانات السماوية بالبيئة، مؤكدًا أن من مبادئ الديانات احترام البيئة والحفاظ عليها، والتعامل معها بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة، وهي كذلك قضية أخلاقية، فالقواسم مشتركة بين الأديان في الحفاظ على البيئة.
وأشار إلى دعوة الأديان لمبدأ التضامن ورفض الإسراف في الموارد الطبيعية ونبذ كل مسببات التلوث، لافتا إلى أن ،الطبيعة تعكس حكمة الله وجماله، مستشهدًا بآيات من القرآن والإنجيل، مشددًا على أن الديانات السماوية ترسِّخ لاستمرار الإنسان في الحفاظ على البيئة، مع أهمية العمل للحفاظ على المستقبل.

وأشار الدكتور عطية الطنطاوي مقرر لجنة الجغرافيا والبيئة بالمجلس، إلى أهمية موضوع المؤتمر في ظل ما يهدد بقاء الكوكب ككل وليس الإنسان فقط ، قائلا :”لا يخفى علينا حجم الكوارث التي تضرب الأرض، كحرائق كاليفورنيا، ولم تنجُ أي غابة على وجه الأرض من الحرائق نتيجة التغيرات المناخية الحالية”.ضاربًا المثل بموجات الجفاف المتكررة التي تضرب مناطق كثيرة متنوعة من العالم، وكذلك العواصف التي تتكون في المناطق الاستوائية، كل هذه الكوارث نتجت عن التغيرات المناخية التي تسبب الإنسان في ظهورها.
و أوضح أن الأرض تتعرض لمشكلات جمة منها ظاهرة التصحر والتلوث وكأن الأرض أصيبت بفيروس، وليس لدينا علاج لهذا الفيروس حتى الآن.

وقدم الدكتور محمد الأمير المنسق العام لبيت العائلة المصرية كلمة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والتي قال فيها:” لا أقصد من كلمتي هذه أن أروّج لسبق شريعة الإسلام للقوانين والمواثيق الدولية في مجال رعاية البيئة وحمايتها، وإنما أنقل صوت الدين في هذه الأزمة، أو إن شئتم هذه الكارثة التي لو ترك الأمر فيها للعابثين بنعم الله فإن أحدًا لن ينجو من آثارها المدمرة، وفي أولهم هؤلاء المتمردون على حدود الله والساخرون من أوامره ووحيه السماوي، مؤكدًا أن علاقة الإنسان بالكون في فلسفة الأديان الإلهية هي علاقة حب متبادل، ومشيرًا إلى أن خطاب الله للمؤمنين في هذه القضية واضح في القرآن “منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى”، فالصحيح أن علاقة الإنسان بالبيئة هي علاقة مسئولية ومبادئ وأخلاق.
موضحًا أن الدين قد حذَّر من الإفساد في الأرض، ونبَّه على أن أي إنسان ليس حرًّا في أن يفسد في الأرض، فالطبيعة بكل عناصرها ومواردها هي ملك لله تعالى، ولا يحل لإنسان أن يتعامل معها إلا في إطار إصلاحها.

وتحدث القس أرميا مكرم نيابة عن الأنبا أرميا عن بعض التوجيهات في المسيحية للحفاظ على البيئة، وكيف كانت الطبيعة تمثل صديقًا للمسيح، فقد كان يحب الطبيعة البكر ويقضي أكثر وقته وخدمته فيها، وكان يصلي في الجبل، حيث الهدوء بعيدًا عن صخب المدينة والتزاحم.
 
وقال الدكتور أشرف العزازي في كلمته:” إن هذا اللقاء هو فرصة لتسليط الضوء على العلاقة العميقة بين الإنسان وبيئته من خلال عدسة الأديان التي تشترك في توجيهنا نحو الاعتناء بالعالم الذي خلقه الله لنا.فمنذ بداية الخلق نجد أن الأديان السماوية قد أكدت أهمية حماية البيئة والعيش بتوازن مع الطبيعة، فقد كان النداء المشترك في جميع الأديان هو الاعتراف بقدسية الأرض وجمالها، والمسئولية التي يتحملها الإنسان في الحفاظ عليها ورعايتها.
مؤكدًا أننا في عالم يعاني من تحديات بيئية متزايدة، تبرز الحاجة الماسة إلى أن نعيد النظر في هذه المبادئ الدينية، وأن نستلهم منها سبلًا عملية للحفاظ على كوكبنا.
و أضاف:” إن هذا المؤتمر هو خطوة مهمة نحو تعزيز الوعي البيئي، وتطوير حلول مستدامة تنبع من تعاليمنا الدينية العميقة لتكون نموذجًا يحتذى به في جميع جوانب حياتنا.

وعلى هامش الافتتاحية قدَّم الدكتور أشرف العزازي شهادات تقدير للسادة المشاركين بالمؤتمر.

الجلسة الأولى

وجاءت الجلسة الأولى بعدد من المشاركات؛ حيث تراس الجلسة أ.د.فتحي أبو راضي- و مقرر الجلسة ،د. رحاب يوسف.

بدأت الجلسة بكلمة القس أرميا مكرم، تحت عنوان “المسيحية والبيئة”، مستشهدًا بسفر التكوين “في البدء خلق الله السماوات والأرض”، فالأرض قد خلقت من أجل الإنسان، و الله هو ضابط الكون، وخالق النور، وفصله عن الظلمة.

وجاءت كلمة الدكتور رمضان الصاوي بعنوان “البيئة في الكتاب والسنة”، مستشهدًا بعدد من آيات القرآن والأحاديث النبوية.
 
بينما قدم الدكتور عبدالمسيح سمعان عرضا بعنوان “القيم البيئية في الكتاب المقدس والقرآن الكريم”، متحدثًا عن الحفاظ على التوازن البيئي، والاعتدال وعدم الإسراف، والمسئولية تجاه الأرض، واحترام المخلوقات والكائنات الحية، وإدارة الموارد على الأرض، والعلاقة بين الإنسان والطبيعة، والحفاظ على البيئة من التلوث، والاهتمام بالأخضر، والحفاظ على المياه، والحفاظ على الأرض، والعدالة البيئية وحماية الفقراء، وجمال الطبيعة والحرص عليها، وعدم الطمع والعيش ببساطة، ممثلًا لكل قيمة منها بآية من القرآن وأخرى من الكتاب المقدس.

وتحدث الدكتور محمد السبعاوي عن صحة البيئة في الديانات السماوية، التي جاءت من أجل تنظيم الحياة على كوكب الأرض، بالنظر إلى مفهوم صحة البيئة، متطرقًا إلى هذا المفهوم في اليهودية والمسيحية والإسلام وكذلك في الديانات الأخرى.

وأخيرًا جاءت كلمة الدكتور محمد الشربيني بعنوان “إيمان واحد.. كوكب واحد”، مشيرًا إلى الصراع الفكري والمعرفي الذي يعاني منه الشباب اليوم، نتيجة التغير المناخي الذي صار ملموسًا دون الحاجة إلى رصد واستبيانات علمية، مؤكدًا ضرورة الالتزام بالحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية، والتحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات الحرارية.

الجلسة الثانية

جاءت الجلسة الثانية بعدد من المشاركات؛ حيث تراس الجلسة أ.د. محمد السديمي – و مقرر الجلسة أ.د. عبد الرازق الكومي.

بدأت الجلسة بكلمو أ.د. سيد بكري ، حيث تناول عرضا حول” التنوع البيولوجي ومسؤلية البشرية في ضوء الديانات السماوية”.

و تحدثت أ.د، منى نور الدين عن “الكون والتوازن البيئي في القرآن الكريم”، حيق أوضحت أن البيئة الطبيعية في حالتها العادية، دون تدخُّل مُدمِّر أو مُخرِّب من جانب الإنسان، تكون مُتوازِنة على أساس أن كلَّ عنصرٍ من عناصر البيئة الطبيعية، قد يُخلَق بصفات محدَّدة وبحجم مُعيَّن، يَكفُل تَوزُان البيئة، و هو ما أكدته مجموعة من آيات القرآن الكريم قامت باستعراضها.

بينما تناول أ.د.عاطف عدلي، المفاهيم والممارسات البيئية في الفكر المصري والمسيحي.

بدوره تناول أ.د. سامح عبد الوهاب.، عرضا بعنوان “المفاهيم البيئية والتعاليم الدينية”
ببنما تحدثت أ.د. فاطمة عبد الله ، عن “السلوك البيئي والدين الإسلامي- رؤية واقعية”، حيث اشارت إلى الدعوة إلى بناء علاقة سوية ومتوازنة تصون البيئة من القضايا الملحة التي تواجه البشرية على مرّ العصور، موضحة أن عدم التعامل مع المظاهر البيئية دليل على غياب الوعي بأهميتها في حياتنا اليومية، وتجاهلنا للبعد الديني الذي يجب أن يحكم سلوك وتصرف كل فرد أو جماعة في المجتمع. ولا شكّ أن سلوك الإنسان الخاطئ، وغير الحضاري هو الذي جعل مظاهر البيئة تتعرض لتهديدات بالغة الخطورة. 

و اختتمت فعاليات المؤتمر بإعلان المقترحات و التوصيات ..