د. اسماعيل عبد الجليل رئيس مركز بحوث الصحراء الاسبق محذرا ل” العالم اليوم”: تقلبات المناخ والصراعات السياسية تدير سوق القمح هذا العام ..وتوقعات بارتفاع الواردات المصرية
في يوم 14 يناير، 2025 | بتوقيت 7:30 ص
كتب: مني البديوي
“تقلبات المناخ والصراعات الجيوسياسية سوف تدير سوق القمح العالمى خلال العام الجاري 2025 …فهناك توقعات بأرتفاع الاسعار وانكماش المساحات وانخفاض الانتاجية”…بهذه التوقعات المخيفة تجاه احد اهم المحاصيل الاستراتيجية لمصر والعالم تحدث الدكتور اسماعيل عبد الجليل رئيس مركز بحوث الصحراء الاسبق في حواره مع ” العالم اليوم” ، مؤكدا ان هناك انخفاض متوقع في المعروض من القمح
عالميا والذي تصل تقديراته الي نحو 794.08 مليون طن مترى بما لا يتناسب مع احتياجات الطلب والمقدرة بنحو 802.54 مليون طن مترى وان هذا الفارق المتوقع بين العرض والطلب يرجع الى توقعات تقلبات عنيفة فى المناخ واستمرار الصراعات السياسية في منطقة البحرالأسود والشرق الاوسط .وغيرها .
واضاف انه على غير المعتاد فى مواسم زراعة القمح خلال السنوات الطويلة الماضية التزمت وزارتى الانتاج ” الزراعة” و الاستهلاك “التموين ” الصمت والغموض فى اتاحة البيانات والمعلومات المتعلقة بأحتياجات العرض والطلب لموسم 2024-2025 من حيث المساحات المنزرعة والانتاجية المتوقعة بالرغم من اهمية اتاحة الحكومة لها داخليا وخارجيا لعدة مزايا ابرزها تحسين موقفنا التفاوضى فى مناقصات الشراء بالسوق العالمى كما وسعرا بأعتبار ان مصر تعد أكبر مستوردي القمح عالميا “2.1 مليار دولار” سنويا وخاصة من روسيا، بالأضافة الى مزايا اخرى داخلية تتعلق بتقدير احتياجات المساحات المنزرعة من مستلزمات الخدمة الزراعية ومابعد الحصاد لأستيفاءها مبكرا .
وقال ان الحكومة اكتفت بأعلانها الموافقة على تحديد سعر استرشادي لزراعة القمح لموسم 2024 – 2025 ليكون 2200 جنيه للأردب بينما امتنعت وزارة التموين عن التعليق بالتأكيد او النفى عما ينشر بالمواقع الالكترونية للأعلام والمنظمات الدولية عن اكبر صفقة استيراد قمح بالأمر المباشر من السوق العالمى.
واضاف ان خبراء السوق ينصحون بمتابعة الطقس فى السبع دول المصدرة للقمح والمتمثلة في روسيا والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا والولايات لمتحدة الامريكية واوكرانيا والأرجنتين كمؤشر لأسعار القمح فى 2025 .
وقال ان هناك توقعات تفيد بانخفاض حصة روسيا البالغة 26٪ من تجارة القمح العالمية نتيجة انخفاض المساحات المنزرعة بنسبة 10٪ هذا العام كأدنى مستوى منذ عام 2019 نتيجه امطار وسيول غزيرة دفعت مزارعى القمح الى زراعة محاصيل اخرى اكثر ربحية واقل تأثرا بالطقس مع العلم ان روسيا احد اهم مصادر واردت القمح لمصر .
واضاف عبد الجليل انه وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية يتوقع ارتفاع واردات القمح لمصر فى موسم 2024-2025 بنسبة 1٪، لتصل إلى 12.5 مليون طن مترى متجاوزة 200 ألف طن متري عن العام الماضي وسابقه على التوالي منذ عام 2022 !!.
وأوضح ان أكبر موردي القمح لمصر في السنة التسويقية الماضية كانت روسيا بنحو8.47 مليون طن وأوكرانيا بنحو 2.14 مليون طن ورومانيا بنحو 1.23 مليون طن، وأن هناك توقعات تفيد باضافة تركيا كمصدر جديد لتوريد القمح حيث تتمتع بميزة تنافسية بسبب قرب المسافه وانخفاض اسعار الشحن .
واستطرد : ان توقعات انخفاض صادرات القمح الروسى التى تمثل 26 % بالسوق العالمى ومخاوف التقلبات السعرية وسلاسل الامداد والتوريد قد تكون احد اسباب مبادرة جهاز مستقبل مصر الى عقد صفقه كبرى لشراء القمح الروسى بالأمر المباشر وهو ما يمثل تحولا عن العطاءات الدولية الاكثر تنافسية التي تستخدمها عاده الهيئة العامة للسلع التموينية فى شراء االقمح خلال السنوات الطويلة الماضية طبقا لمصادر دولية منشورة لم تؤكدها او تنفيها الحكومة تم التعاقد على 7 % فقط من 3.8 مليون طن المستهدفة.بالصفقه العاجله !!.
واكد رئيس بحوث الصحراء الاسبق او كما يلقبونه ” ابو الصحراء” انه
بالرغم انه لم يتم الكشف عن تفاصيل الصفقة الاستيرادية للقمح وشروطها الا ان مبررها العاجل قد يمكن تفسيره بعدة أسباب محتملة اولها ان هناك تراجع لمساحات القمح المحلى المنزرعة فى الموسم الحالى نتيجة عدم اقبال المزارعين لأرتفاع اسعار مدخلات الانتاج وبالأخص الاسمدة الازوتية والتقاوى والمبيدات بشكل جعل زراعة القمح اقل ربحية وجدوى من زراعة محاصيل اخرى كالفول والنباتات الطبية كالكمون والينسون وغيرها ، والأمر الثاني ان هناك توجها حكوميا يؤيد جدوى خفض نسبة الاكتفاء الذاتى من انتاج القمح واستعواضه بالاستيراد مقابل تشجيع زراعة حاصلات بستانية تصديرية اكثر جدوى اقتصاديا.
وتابع : ان البيانات اكدت هذا التوجه فى زيادة واردتنا 53% عام 2024 وهو الاعلى على الاطلاق من متوسط واردتنا خلال 5 سنوات الماضية حيث استوردت الحكومة 7.5 مليون طن من القمح منذ بداية 2024 مقابل 5.6 مليون طن في الفترة نفسها من عام 2023 ، مشيرا الي مخاطر هذا التوجه وكيف انها وضحت اثناء ازمة وباء كورونا وارتباك سلاسل الامداد وبالأخص فى ظل الصراعات الجيوسياسية الراهنة.
ولفت الي ان سيناريوهات المخاطر المناخية والسياسية واللوجستية المحتملة فى 2025 ..وغيرها تؤكد الرؤية الاستراتيجية لدعوة الرئيس “السيسى” فى قمة العشرين الاخيرة الى تدشين مركز عالمى لتخزين وتوزيع الحبوب والمواد الغذائية لتأمين المزيد من مخزون الحبوب على أرض مصر لضمان أمن الغذاء وتعزيز سلاسل الإمداد ذات الصلة لأفريقيا والشرق الاوسط مع العلم ان تدشين المركز الخدمى لا يتعارض مع برامجنا الانتاجية الزراعية .
واكد عبد الجليل انه فى ظل تحديات ديونا متزايدة ونقصا في النقد الأجنبي وتضخما مستمرا يجب ان تضع الحكومة برنامجا زمنيا لخفض وارداتنا المتزايدة من القمح بزياده الانتاج المحلى رأسيا “جانب العرض”، بالأضافة الى ترشيد “جانب الطلب ” بخطة لخفض الانفإق على الخبز المدعوم من خلال إضافة الذرة أو الذرة الرفيعة المنتجه محليا لمكوناته.
وقال ان خلط دقيق الذرة بدقيق القمح بنسبة 1:4 يمكن ان يوفر نحو مليون طن متري من القمح المستورد ، علاوة علي ضرورة تكثيف ابحاث التغذية لتغيير النمط الغذائى القائم على رغيف العيش.
واكد انه بالرغم ان هناك تحسنا فى البنية التحتية اللوجستية ومراكز التجميع وصوامع التخزين فى خفض نسبة الفاقد والتالف بعد الحصاد الا ان هناك حاجه الى سياسات جاذبة تجعل زراعة القمح اكثر ربحية لتحفيز المزارعين على الزراعة والتوريد بما يؤدى الى رفع الانتاجية بنسبة 1٪ على الاقل هذا العام لتصل الى 9.2 مليون طن “8.87 مليون طن في العام السابق” لخفض واردتنا المتزايده من القمح .
واضاف ان زيادة طاقة الطحن هيأت لمصر ان تصبح موردًا رئيسيًا لدقيق القمح للعديد من الدول الأفريقية والشرق الأوسط حيث زادت صادراتها من دقيق القمح بنسبة 250٪ فى عام 2024 مقارنة بالعام السابق له بسبب الأسعار التنافسية والقرب الجغرافي .