علي عبد القادر نائب رئيس لجنة التصدير بجمعية رجال الاعمال ل ” العالم اليوم”: توطين الصناعة رهن بتكامل جهود الحكومة والقطاع الخاص لضمان نجاحه واستدامته

 

حدد علي عبد القادر نائب رئيس لجنة التصدير بجمعية رجال الاعمال المصريين مجموعة من العوامل التي يجب توافرها لمساعد مجتمع الأعمال والحكومة على توطين الصناعة المحلية وبنجاح ، موضحا انها تتمثل اولا في السياسات الحكومية الداعمة والمتمثلة في الحوافز المالية مثل تقديم إعفاءات ضريبية و دعم مالي مباشر وتوفير قروض ميسرة للمستثمرين المحليين ، والقوانين التنظيمية
متمثلة في وضع قوانين وتشريعات تشجع الاستثمار في القطاع الصناعي وتسهيل إجراءات إنشاء وتوسيع المشاريع الصناعية ، علاوة علي البنية التحتية المتطورة وتوفير الطاقة والمواصلات متمثلة في بناء بنية تحتية قوية تشمل الطرق والموانئ وشبكات الكهرباء مما يسهل عملية الإنتاج والنقل.

واضاف في تصريحات ل ” العالم اليوم” ان العوامل المساعدة علي توطين الصناعة تشمل كذلك المناطق الصناعية حيث يعتبر هذا العامل من اهم التحديات التي تواجه توطين الصناعة وهي إنشاء وتطوير مناطق صناعية مجهزة بالخدمات الأساسية التي تحتاجها المصانع ، والتعليم والتدريب حيث لم يقدم التعليم الفني خلال العقود الماضية الجيل الفني المدرب لتأهيل القوى العاملة و توفير برامج تدريبية مهنية وتقنية لتطوير مهارات العمالة المحلية بما يتوافق مع احتياجات الصناعة ، والتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث حيث دعم الأبحاث والتطوير لتعزيز الابتكار الصناعي وتطوير تقنيات جديدة محلياً ، علاوة علي ضرورة توفير المواد الخام محلياً والتنقيب والتصنيع المحلي للمواد الأولية وتشجيع الاستثمار في استخراج وتصنيع المواد الخام محلياً لتقليل الاعتماد على الاستيراد.

وقال ان العوامل المساعدة تتضمن كذلك ضرورة تطوير تقنيات وإجراءات لإعادة تدوير المواد المستخدمة بهدف الاستفادة منها مرة أخرى في الإنتاج ، وتواجد الشراكات بين القطاعين العام والخاص بالتعاون بين الحكومة والشركات وبناء شراكات استراتيجية بين القطاعين لدعم وتوسيع الصناعات المحلية ، وتشجيع الاستثمار الأجنبي ودعوة الشركات الأجنبية للاستثمار في توطين الصناعات مع تقديم حوافز وضمانات لها بتحويل ارباحها و عدم تغيير القوانين الحاكمة للنشاط و ثبات شرائح الضرائب التي تمت علي اساسها دراسات الجدوى الاقتصادية السابقة للنشاط و عدم فرض رسوم اضافية بعد بدء النشاط و ثبات قواعد التخارج من السوق وضمان تجديد تراخيص العمل في النشاط

واستطرد : انه يجب ايضا توافر الوعي بأهمية المنتج المحلي وتعزيز ثقافة شراء المنتج المحلي من خلال حملات توعية اعلامية وبناء الحس الوطني الذي يدعم تفضيل المنتجات المحلية على المستوردة ، وضمان الجودة بالتأكد من أن المنتجات المحلية تتمتع بجودة عالية تنافس المنتجات المستوردة مما يعزز ثقة المستهلكين عن طريق تعزيز اصدار شهادات جودة دولية معتمدة للمنتجات المحلية مما يعزز ثقة المواطن في المنتجات المحلية الصنع .

وأكد عبد القادر ان توطين الصناعة بوجه عام يتطلب جهوداً متكاملة من الحكومة والقطاع الخاص لضمان نجاحه واستدامته وذلك من خلال تطوير البنية التحتية و تحسين التعليم والتدريب و توفير الحوافز المناسبة وتعزيز الشراكات، مشددا علي ان النجاح في ذلك من شانه ان يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام ويقلل الاعتماد على الواردات مما يساهم في تعزيز الاستقلال الاقتصادي وتحقيق التنمية المحلية.

واضاف ان توطين الصناعة ليست عملية سريعة وان المدى الزمني الذي تحتاجه الدولة لتحقيق هذا الهدف يختلف بناء على عدة عوامل منها مستوى التطور الصناعي الحالي و القدرات التكنولوجية و التعليم والتدريب و البنية التحتية والسياسات الحكومية.

وحدد عبد القادر عدد من السياسات التي يمكن تحقيقها على المدى القصير خلال مدي زمني يتراوح من عام الي 5 أعوام ، موضحا انها تتمثل في تحسين البنية التحتية والاستثمار في البنية التحتية الأساسية مثل الكهرباء و الطرق والموانئ وهذا قد قطعت فيه الدولة شوطا كبيرا و لكن يبقي تحديد اولويات مثل الطاقة المتجددة و النقل النهري و النقل بالسكك الحديدية من مناطق الانتاج الي مناطق التصنيع ، والتدريب والتعليم والبدء في تأهيل القوى العاملة من خلال برامج تدريبية موجهة ، وتوفير حوافز لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في قطاعات معينة.

وفيما يتعلق بالسياسات علي المدى المتوسط خلال مدي زمني يتراوح ما بين 5 الي 10 اعوام، اوضح انها تتمثل في تطوير الصناعات الأساسية متمثلة في إنشاء وتوسيع المصانع في القطاعات الأساسية مثل الصناعات الغذائية و مواد البناء والمنتجات الاستهلاكية وتحسين كفاءة الإنتاج من خلال تبني تقنيات جديدة وزيادة مستوى الابتكار المحلي.

وبالنسبة للسياسات على المدى الطويل خلال مدي زمني يتراوح من 10 الي 20 عام وأكثر ، اوضح انها تتمثل في توطين الصناعات المتقدمة مثل تطوير صناعات التكنولوجيا العالية مثل البرمجيات و الإلكترونيات و السيارات والصناعات الدوائية ، والاستقلال الاقتصادي بالوصول إلى مستوى من الاكتفاء الذاتي حيث يتم تقليل الاعتماد على الواردات بشكل كبير.

وقال عبد القادر ان التساؤل الذي يطرح نفسه هو هل يمكن إنتاج كل احتياجات السوق في القطاع الصناعي؟!، مؤكدا ان إنتاج كل احتياجات السوق محلياً يُعد هدفاً طموحاً لكنه ليس دائماً عملياً أو اقتصادياً وغالباً ما تسعى الدول إلى توطين الصناعات الحيوية والاستراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي بينما تستمر في استيراد بعض المنتجات التي يكون إنتاجها محلياً غير ممكن أو غير مجدٍ اقتصادياً.

وفيما يتعلق بالعوامل التي تحدد إمكانية تحقيق ذلك ، اكد انها تتمثل في القدرات التكنولوجية حيث ان بعض الصناعات تتطلب تقنيات متقدمة قد تكون غير متاحة محلياً مما يجعل الاستيراد ضرورة ، والتكلفة الاقتصادية حيث ان إنتاج بعض السلع محلياً قد يكون أكثر تكلفة من استيرادها مما يؤدي إلى زيادة الأسعار على المستهلكين ، وحجم السوق حيث ان بعض الصناعات تتطلب سوقاً كبيراً لتكون اقتصادية وفي حال عدم وجود سوق محلي كبير بما يكفي، قد يكون من الأفضل استيراد المنتجات والتعاون الدولي حيث ان الاقتصاد العالمي مترابط وقد يكون من الأفضل لبعض الدول التخصص في صناعات معينة والتعاون مع دول أخرى لتلبية احتياجاتها من السلع الأخرى ولناخذ تايوان مثلا في صناعة اشباه الموصلات.

وشدد نائب رئيس لجنة التصدير بجمعية رجال الاعمال علي ان توطين الصناعة هو عملية طويلة الأمد تعتمد على عدة عوامل و تحتاج إلى استراتيجيات مدروسة لتحقيق الأهداف المرجوة ، مؤكدا انه من الممكن تحقيق اكتفاء ذاتي في بعض الصناعات الحيوية لكن من الصعب إنتاج كل احتياجات السوق محلياً وان توطين الصناعات الأساسية والابتكار في مجالات محددة مع الحفاظ على تعاون دولي اقتصادي متوازن قد يكون النهج الأمثل.

وتساءل في النهاية هل تم وضع خطة شاملة و متكاملة لتوطين الصناعة بعد حوار مباشر مع مجتمع الاعمال في مصر للخروج بورقة عمل شاملة و ملزمة للجميع باتباع خطة منهجية ممتدة لا تتأثر بتغير الجهاز التنفيذي في الحكومة و لايخضع لرؤية كل مسؤول منفصلا وانما يكون هناك اطارا جديدا متفق عليه من جميع الاطراف لخير و مصلحة الوطن والمواطن؟!!.