الطاقة النووية و اقتصادات الأسواق الناشئة
في يوم 7 أبريل، 2024 | بتوقيت 2:45 م
كتبت: شيرين سامى
قالت ” روساتوم “، أن من اهم الموضوعات التي نوقشت في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي/مؤتمر (COP28)، الذي عقد في دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 2023، هو التركيز على أهمية الطاقة النووية وتأثيرها على اقتصادات الأسواق الناشئة ودورها في تعزيز التنمية الشاملة في العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتعاون الدولي، من أجل الكشف عن إمكانات الطاقة النووية.حيث اختتمت جميع المناقشات بالدعوة إلى التركيز على مسألة التحول إلى الطاقة النظيفة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيكون هذا التحول متوازناً بين الفوائد الاقتصادية والسلامة البيئية في حال ركزنا بشكل خاص على مسألة الابتعاد عن الوقود الأحفوري؟ وماهو مدى الاعتماد على الطاقة النووية؟
أوضحت ” روساتوم ” ، أن أراء الخبراء تؤكد أن الطاقة النووية هي بديل مهم عن الوقود الأحفوري ولها تأثير إيجابي على تنمية الاقتصادات الناشئة. في إشارة الي أن حوالي 95% من إجمالي الطلب على الكهرباء بحلول عام 2035 سوف يكون من الأسواق الناشئة. وهنا لابد من الاشارة إلى إن المفاعلات النووية تساهم في ضمان إمدادات مستقرة من الطاقة الكهربائية وفقاً لمعايير التنمية المستدامة، مما يزيد من الاستقرار الاقتصادي ويجذب المستثمرين والقطاعات المعتمدة على التدفق المستمر للطاقة، ويساعد كذلك على تقليل اعتماد الدول على الوقود الأحفوري.
على أي حال تنعكس الآثار الإيجابية للتحول إلى الطاقة النظيفة في توفير فرص عمل جديدة من خلال زيادة تطوير البنية التحتية، في مجالات التصميم والبناء والصيانة، وهو ما يشكل عامل جذب للاستثمار.
على سبيل المثال، ستوفر أعمال تشييد محطة الضبعة النووية في مصر، والتي يقوم القسم الهندسي التابع لشركة روساتوم الحكومية بتنفيذها، فرص عمل لـ 25000 من عمال البناء وتركيب المعدات والأجهزة.
وفي نفس الوقت فإن 70% من العمالة في مرحلة البناء ستكون عمالة مصرية ، في تنويه إلى إن الشركات المصرية تتولى بالفعل مسؤولية تنفيذ عدد من الأعمال في الموقع. بالاضافة إلى ذلك سوف تزداد نسبة التوطين في المشروع، وستتراوح، حسب نوع العمل، من 20 إلى 35%. ناهيك عن إن هناك أيضًا تأثير غير مباشر، وهو زيادة الطلبيات من الشركات العاملة في الصناعات والقطاعات ذات الصلة خاصة موردي المواد ومعدات البناء والمرافق والعديد من الخدمات الأخرى التي تقدمها الشركات المحلية لمقاولي المشروع، من أجل بناء المحطة النووية.
بعبارة أخرى فإن كل وظيفة واحدة تهيئ – أثناء بناء محطة الطاقة النووية – ما يعادل أكثر من 10 وظائف إضافية في قطاع الخدمات. وهذا له تأثير إيجابي على القوة الشرائية للسكان، ويضمن في نهاية المطاف زيادة في الطلب على الصناعات التي تلبي طلب المستهلك.
وهنا لابد من التأكيد على حقيقة أنه خلال فترة إنشاء المحطة النووية وحدها ستبلغ القيمة المضافة للناتج المحلي الإجمالي لجمهورية مصر العربية من تنفيذ المشروع نحو 4 مليارات دولار أمريكي.
هناك إجماع متزايد بين الخبراء على أن توسيع رقعة الاعتماد على الطاقة النووية باعتبارها الطريق الواعد لإنشاء نظام طاقة عالمي يضمن تحقيق مستويات المعيشة مرتفعة ويؤدي إلى خفض كبير في انبعاث غازات الدفيئة.
و قد تم اعتماد اتفاق باريس من قبل 196 طرفًا في الجلسة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المنعقدة في 12 ديسمبر 2015 في باريس. و تتعهد جميع الدول المشاركة في هذه الاتفاقية باتخاذ الإجراءات الكفيلة لضمان ألا يزداد مستوى ارتفاع درجة الحرارة في العالم إلى 2 درجة مئوية.
ونظراً لجدية المخاطر القائمة، لابد من العمل على ضمان أن يقتصر مستوى ارتفاع درجة الحرارة على 1.5 درجة. ويفترض الاتفاق أيضًا أنه بحلول عام 2030، سيتم تخفيض انبعاث الغازات الدفيئة بنسبة تصل إلى 70% مقارنة بمستويات عام 1990.
وقبل فترة وجيزة، انتهى المنتدى الدولي “آتوم إكسبو-2024” الذي استمر لمدة يومين، وهو الحدث الرئيسي للصناعة النووية العالمية، وأكبر معرض ومنصة أعمال حيث تتم مناقشة الوضع الحالي للصناعة النووية ويتم وضع اتجاهات المزيد من التطوير. وكان الموضوع الرئيسي للمنتدى هو الانتقال إلى الطاقة النووية ذات المكونين، والابتكارات في مجال توليد طاقة الجيل الرابع والحد من انبعاثات الكربون.
وخلال كلمة ألقاها في افتتاح المنتدى، أشار السيد أليكسي ليخاتشوف مدير عام شركة روساتوم الحكومية قائلاً:
“لقد حققت فعالية اليوم رقماً قياسياً من حيث عدد المشاركين والضيوف الدوليين والدول المشاركة في المنتدى. فعلى سبيل المثال تشارك بوركينا فاسو ومالي والنيجر والعراق للمرة الأولى. وننوه بالمشاركة الخاصة والمتميزة للممثلين الأفارقة في هذه الفعالية، في تنويه إلى أن القارة السمراء تتمتع اليوم بإمكانات هائلة لتطوير التكنولوجيا النووية”.
الجدير بالذكر أن كل من شركة روساتوم وبوركينا فاسو قامتا بصياغة خارطة طريق لتوسيع التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وتنص الوثيقة التي تم التوقيع عليها في المنتدى على خطوات ملموسة لتطوير الموارد البشرية والبنية التحتية النووية في بوركينا فاسو، وتهدف هذه الوثيقة أيضًا إلى خلق رأي عام إيجابي حول الطاقة النووية وفوائدها.
يشار إلى إن جلسات المنتدى تم تخصيصها لقضايا تغير المناخ، واستخدام مصادر الطاقة البديلة (بما في ذلك الطاقة النووية)، وتطوير المشاريع في مجال الطب النووي. وعلى وجه الخصوص، أبرمت روساتوم اتفاقية مع نيكاراجوا لوضع خارطة طريق لمشروع بناء مركز للطب النووي. وسيتخصص المركز الجديد في تشخيص وعلاج الأمراض التي تشكل خطراً يهدد المجتمع، بما في ذلك الأورام.
و اختتمت ” روساتوم ” قائلة :”إن الاستثمار الاستراتيجي في الطاقة النووية، وتحسين الأطر التنظيمية والتعاون الدولي يشكل عناصر أساسية لإطلاق الإمكانات الكاملة للطاقة النووية في دعم التنمية المستدامة والازدهار في الأسواق الناشئة”.