“مصر و روسيا” 80 عاماً شراكة استراتيجية تزداد قوة

استثمارات روسية بقيمة 7 مليارات دولار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس توفر نحو 35 ألف فرصة عمل ..

في يوم 4 أبريل، 2024 | بتوقيت 9:58 م

كتب: شيرين سامى


د.محمد فراج :
نقل المعرفة والتكنولوجيا لتوطين التقنيات النووية يساهم فى مستقبل
صناعة الطاقة النووية


د.سمير عيطه:
7.4 مليار دولار استثمارات كبرى شركات النفط الروسية من بينها “روسنفت – لوك أويل – لادا”

د.علي الإدريسي:
انضمام مصر إلى النادي النووي يعزز توليد الطاقة لمدة 60 عاماً و يحد من واردات المنتجات النفطية والغاز لدعم الاقتصاد الوطنى

=============

في ظل عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تمكنت مصر من تحقيق نجاح كبير على الساحة الدولية، وأبرز هذه النجاحات فى مجال الطاقة النووية، حيث حققت مصر تقدماً هائلاً.
في هذا الإطار لعبت العلاقات بين مصر وروسيا دوراً كبيراً في هذا القطاع. أياً كان الأمر تحتفل كل من موسكو والقاهرة هذا العام بذكرى مرور 80 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وفي هذا السياق أبدى عدد من الخبراء آراءهم حول هذه العلاقات.

توطين التقنيات النووية

حيث يشير الدكتور محمد فراج أبو النور” خبير العلاقات العربية الروسية، إلى أنه خلال السنوات العشر الماضية حدث تقدم واضح في العلاقات المصرية الروسية، يمكن مقارنته بتقدم العلاقات بين الاتحاد السوفييتي ومصر في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، على الرغم من أن الظروف الدولية والإقليمية قد تغيرت بالطبع، على عكس ما كانت عليه تلك الحقبة من الزمن.
ويذكر الخبير، أن الاتحاد السوفيتي في وقت من الأوقات قدم الدعم من أجل تنمية مصر، حيث شارك السوفييت آنذاك في تنفيذ أكثر من 200 مشروع اقتصادي، معظمها مؤسسات صناعية كبيرة، مثل مصنع الحديد والصلب ومصنع فحم الكوك بحلوان، ومجمع الألومنيوم في نجع حمادي، مصنع غلايات البخار، ومصنع عربات السكك الحديدية سيماف، والترسانة البحرية في الإسكندرية، ومصانع الكيماويات، وغيرها من المنشآت الأخرى.

وقد قدم الاتحاد السوفييتي المساعدة في إنشاء مشاريع استخراج الفوسفات والحديد، وإمداد خطوط نقل الكهرباء، وغيرها من المشاريع التنموية التي أتاحت لمصر بناء قاعدة صناعية متنوعة في الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي.

وبحسب رأي الخبير، فإن مفتاح نجاح المشاريع كان يكمن في التركيز على مسألة توطين التكنولوجيا وإعداد وتدريب المتخصصين والمهندسين، وتقديم المنح الدراسية للطلاب من أجل تلقي تعليمهم في الجامعات ومراكز البحث العلمي السوفيتية.

ويخلص الخبير إلى أنه بعد وصول الرئيس فلاديمير بوتين إلى السلطة، ظهرت مرحلة جديدة من التطور في العلاقات، في إشارة إلى إنها وصلت بالفعل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.

حيث يؤكد د.محمد أن أهم مشروع ساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين هو مشروع الضبعة النووي، مشيراً إلى إن هذا المشروع يوسع آفاق التعاون بشكل كبير.

أما بالنسبة لمصر فإن محطة الضبعة هو مشروع يسمح بدخول عصر الاستخدام السلمي للطاقة النووية بكل مميزاتها. ومن المعروف أن المحطة تتضمن بناء أربعة مفاعلات نووية استطاعة كل منها 1200 ميجاوات، و تستخدم مفاعلات الجيل الثالث المطور VVER-1200، التي تعتبر الأكثر تطوراً وأماناً في العالم.
إلا أن أهمية المحطة لا تقتصر على توليد الطاقة الكهربائية. إذ يمكن استخدام الطاقة المولدة منها في تحلية مياه البحر، وتوسيع رقعة الأراضي للزراعة والمنشآت السكنية، مما يعود بالفوائد العلمية والتكنولوجية والاقتصادية الكبيرة لمواطني البلاد. ويتضمن تشييد محطة الطاقة النووية إنشاء بنية تحتية نووية شاملة، بما في ذلك إنشاء المدرسة الفنية المتقدمة لتكنولوجيا الطاقة النووية بمدينة الضبعة. وهذه هي أول مدرسة فنية متخصصة في تدريب المستوى المتوسط ​​في مصر والشرق الأوسط، حيث تضم المدرسة ثلاثة أقسام هي: الإلكترونيات والطاقة الكهربائية والميكانيكا.

كما تتعاون جمهورية مصر العربية مع روسيا الاتحادية – بموجب العقود المبرمة – في مجال إعداد وتدريب الكوادر في محطات الطاقة النووية، وعلى وجه الخصوص، تعهد الجانب الروسي الالتزام بتدريب العاملين، الذين سيقومون بتشغيل المحطة في المستقبل. حيث يخضع الكادر حاليًا للدراسة والتدريب في فرع سانت بطرسبرج للأكاديمية التقنية.

وفي إطار تنفيذ هذا المشروع، ستقوم شركة روساتوم بتدريب 1700 متخصصاً للعمل في محطة الضبعة النووية حتى عام 2028، وسيتلقى الكادر المصري المعرفة النظرية والممارسة العملية في المحطات الروسية.

وهذا الأمر سوف يتيح المجال أمام المصريين بتشغيل محطة الطاقة النووية بشكل مستقل. في تنويه إلى حقيقة أن إعداد وتدريب العاملين في محطات الطاقة النووية المستقبلية يعتبر مساهمة كبيرة في مستقبل صناعة الطاقة النووية في مصر. كما إنه من المهم نقل المعرفة والتكنولوجيا من أجل توطين التقنيات النووية، وهو أمر مفقود في المشاريع الغربية المماثلة.

استثمارات

وعبر دكتور سمير عيطه الخبير الاقتصادي والمستشار الدولي، عن وجهة نظره حول أهمية العلاقات بين روسيا ومصر قائلاً:
“في الوقت الحالي، هناك تطور إيجابي في العلاقات المصرية الروسية، حيث تم التوقيع على اتفاقيات للتعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية والصحة والتعليم والثقافة. وفي هذا السياق قام العديد من كبار المسؤولين في كلا البلدين بزيارات رسمية متبادلة بهدف توسيع التعاون وتوطيد العلاقات الثنائية. وهنا لابد من الاشارة إلى إزدياد الاستثمارات الروسية في مصر بشكل ملحوظ، وهذا ما ظهر واضحاً من خلال تصريحات السفير الروسي في القاهرة غيورجي بوريسينكو، حيث أعلن إن استثمارات كبرى شركات النفط الروسية في مصر، ومن بينها “روسنفت” و”لوك أويل” و”لادا” تجاوزت 7.4 مليار دولار”.

ويهتم الجانبان المصري والروسي حاليا باستكمال كافة الإجراءات المتعلقة بإنشاء المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي من المتوقع أن تستقطب استثمارات روسية بقيمة 7 مليارات دولار، وتوفر نحو 35 ألف فرصة عمل جديدة.

أما فيما يتعلق بحجم التبادل التجاري بين البلدين فقد بلغ في عام 2020 أربع مليارات دولار. وبلغت الواردات المصرية من روسيا العام الماضي 3.5 مليار دولار، بينما بلغت الصادرات من مصر 500 مليون دولار. حيث تمثل الجزء الأكبر من الصادرات في المحاصيل الزراعية والمنتجات الصيدلانية والغذائية بالإضافة إلى منتجات الصناعة الكيماوية.

بالإضافة إلى ذلك، تم إبرام اتفاقية لتوريد 1300 عربة سكة حديد جديدة من خلال شركة “ترانس ماش” الروسية بالشراكة مع المجر بهدف تحديث وتطوير شبكة السكك الحديدية في مصر. حيث بلغت التكلفة الإجمالية لهذه الاتفاقية حوالي مليار يورو. وبموجب هذه الصفقة، تسلمت مصر بالفعل نحو 227 مقصورة جديدة، وسيتم تسليم الباقي حسب الجدول الزمني المتفق عليه.

وتذكرنا هذه المرحلة بعهد الرئيس جمال عبد الناصر، كما تعكس بوضوح الإرادة السياسية وتطور الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. يعد التعاون بين مصر وروسيا في مجال الطاقة النووية من أهم المجالات التي توجت بالنجاح.

وكانت مصر قد توصلت في عام 2015، إلى اتفاق مع شركة روساتوم الروسية الرائدة لبناء محطة للطاقة النووية باستطاعة 4800 ميجاوات في مدينة الضبعة الساحلية المصرية. علماً أنه يتم حاليًا، تنفيذ أعمال البناء في أربع مجموعات طاقة لمحطة الطاقة النووية المستقبلية في آن واحد. حيث يعتبر المشروع ليس فقط الأكبر في القارة الأفريقية، بل أيضًا في البناء النووي العالمي.

الريادة التكنولوجية

ويشير دكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي إلى أن روسيا تمتلك تكنولوجيا نووية متطورة وخبرة واسعة في قطاع الطاقة، في تنويه إلى حقيقة أن انضمام مصر إلى النادي النووي سوف يساعد على توليد الطاقة لمدة 60 عاماً في البلاد، وكذلك سوف يحد من واردات المنتجات النفطية والغاز، مما سيساعد في تقديم الدعم للاقتصاد المصري.

وأكد الخبير قائلاً: “إننا نأمل في تنفيذ المزيد من المشاريع مع الجانب الروسي، نظراً للريادة التكنولوجية التي تتمتع بها روسيا الاتحادية، وبالتالي يمكن أن يصبح هذا التعاون مثالاً للدول الأفريقية الأخرى التي تحتاج إلى طاقة نظيفة ومتجددة.