د. فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ل ” العالم اليوم”: اقتصاد ” المضاربة ” نتاج طبيعي للأزمات ..والرقابة الصارمة والتطبيق الحازم للقانون بداية المواجهة
في يوم 28 نوفمبر، 2023 | بتوقيت 7:54 ص

كتب: مني البديوي
حذر الدكتور الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب و مساعد المدير التنفيذي الأسبق بمجلس ادارة صندوق النقد الدولي وعضو مجلس ادارة البنك المركزي وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة من طرح اي منتج او خدمة داخل السوق المصري بالدولار ، مؤكدا أن ذلك يعد خروج علي قانون البنك المركزي الذي ينص علي ان العملة ذات السيادة هي ” الجنيه”.
واكد ان بيع اي منتج بالدولار هو بداية “انفلات” وخروج علي القانون .
واضاف في حواره مع ” العالم اليوم ” انه في ظل الازمات العالمية وتداعياتها علي الأسواق وهو ما يمر به العالم الان منذ بدء الحرب الروسية الاوكرانية وما تبعها من توترات إقليمية بعدد من الدول المجاورة لمصر فان الاقتصاد يتحول الي ” مضاربة” حيث ” يضارب” الجميع علي السلع كما نشهد في الدولار و السكر والأرز و السجائر…وغيرها من المنتجات والسلع المختلفة.
وقال ان اي سلعة تنتشر معلومات حول تواجد ندرة بها يبدا الوكلاء والموزعين في المضاربة ويصبح هناك سوقين احداهما رسمي والآخر موازي ويعقب ذلك ارتفاعات شديدة وغير منطقية .
واوضح انه بالنسبة للنقد الاجنبي والذي يمثل “العصب ” للحياة الاقتصادية فانه يتواجد به ندرة ترتب عليها بيعه في السوق الرسمي بنحو 31 جنيه بينما وصل سعره في السوق الموازية لما يتجاوز 50 جنيه ، مشيرا الي انه اذا كان السوق حرا وليس به ندرة فان سعر الدولار كان يجب ان يتراوح ما بين 35 الي 40 جنيه وان الارتفاع الحادث حاليا هو عبارة عن “مضاربة ” .
واكد مساعد المدير التنفيذي الأسبق بمجلس ادارة صندوق النقد الدولي وعضو ” المركزي” ان هناك عشرات المليارات من الدولارات يتم تداولها خارج الجهاز المصرفي بالسوق الموازية غير الرسمية!!
وأردف : ان بداية اقتصاد “المضاربة ” في مصر حدثت عقب ازمة روسيا واواكرانيا وما تبعها من خروج الاموال الساخنة والتي قدرت بنحو 22 مليار دولار مما أدي خلال شهور قليلة لحدوث ندرة في الدولار ، مشيرا الي ان “المضاربة ” هي نوع من ” التحوط” الذي يلجا اليه المتعاملين لتجنب الخسائر عن طريق التخزين والبيع بسعر اعلي والقيام بتسعير السلع مقومة بالذهب او بسعر الدولار في السوق الموازية .
وشدد الفقي علي ان كل ما يواجههه السوق من ازمة و” مضاربة” هو نتاج أزمات خارج مصر فرضت تبعاتها علي الاقتصاد العالمي ككل والمصري تحديدا مع تفاقم التوترات بكافة دول الجوار بدءاً من السودان ..ووصولا الي ليبيا وغزة ، مشيرا الي اعداد النازحين من كافة الدول الي مصر والتي وصلت الي 9 مليون نسمة وكيف ان ذلك قد جعل مصر دول آمنة ولكن في قلب ” بركان ” .
وحدد مجموعة من الحزم والإجراءات التي يجب اتباعها لمواجهة تلك الأوضاع يتمثل اولها في ضرورة احكام الرقابة علي الأسواق وعلي تسعير السلع والخدمات واتخاذ إجراءات صارمة لمنع تداول اي سلعة او خدمة بالدولار و الضرب بيد من حديد لمنع المضاربات والمتاجرات من خلال السوق الموازية وإنفاذ القوانين المتواجدة بكل حسم التي تجرم ذلك تماما .
واستطرد : ان اكبر خطا وقع فيه الاقتصاد اللبناني انه سمح منذ 30 عاما ببيع السلع والمنتجات داخل سوقه بالليرة المحلية والدولار بهدف تنشيط السياحة فكان المنتج الواحد يوضع عليه سعرين احداهما بالليرة اللبنانية والآخر بالدولار ، مشيرا الي ان القانون في مصر صحيح ويضع ببنوده ان العملة ذات السيادة هي الجنيه حتي لو تم وضع دولار يتم التعامل بالجنيه .
واضاف ان الإجراء الثاني للمواجهة يتمثل في ضرورة احداث التناغم اللازم ما بين الحكومة ككل والبنك المركزي بحيث يستخدم ” المركزي” سياساته النقدية المتمثلة في سعر الفائدة وسياسة سعر الصرف لمحاربة الغلاء والتضخم بما لا يؤثر علي النشاط الاقتصادي وفوائد الدين ويكون ذلك ككل بالتناغم مع السياسة المالية التي تتخذها وزارة المالية .
وأردف : ان الإجراء الثالث يتمثل في ضرورة إعطاء المرونة للجهاز المصرفي الذي يضم نحو 38 بنك لاتخاذ ما يلزم من خطوات وسياسات تسهم في جذب الأموال الدولارية المتداولة بشكل غير رسمي داخل السوق المصري .
وردا علي مطالبات البعض بضرورة قيام الجهاز المصرفي بقبول اية عملات اجنبية دون التعرف علي مصدرها ، اكد الفقي انه لا يمكن قبول الدولار غير معلوم المصدر لان ذلك سيسهم في زيادة نشاط السوق الموازية وسيزيد الطلب علي الدولار بما يجعل سعره يقفز لمعدلات غير طبيعية قد تصل الي ما يتراوح ما بين 60 الي 70 جنيه !!.
وعاد الفقي لحديثه حول الاجراءات المطلوبة لوقف المضاربات وضبط الأوضاع ، موضحا ان الإجراء الرابع الذي بدا اتخاذه بالفعل يتمثل في قيام وزارة الهجرة بتأسيس شركة قابضة للاستثمار للمصريين في الخارج لتشجيعهم علي منح أراضي وادخال عملاتهم الدولارية والتي بدات تتراجع خلال الفترة الماضية مع قيام سماسرة السوق الموازية بشراءها .
واكد ان احد الاجراءات المطلوبة ايضا هو تسريع وتيرة التفاوض والمراجعات مع صندوق النقد الدولي وشرح موقف مصر لانها يحق لها بالفعل الحصول علي القرض ، مشيرا الي تصريحات مديرة صندوق التقد منذ أيام كريستينا لاحارد والذي قالت خلاله ان الصندوق يدرس بجدية زيادة التمويل لمصر .
واستطرد : انه يجب تكثيف الاتصالات بين الحكومة وصندوق النقد لاقناعه بالظروف التي تمر بها مصر حتي يمكن اتخاذ قرار بإرجاء تطبيق مرونة سعر الصرف الي وقت مناسب يكون به التضخم مستمر في الانخفاض ولدي مصر حصيلة من النقد الاجنبي كافية للدفاع عن قيمة الجنيه .
واوضح ان الموافقة علي صرف الشرائح المؤجلة – والمتمثلة في مراجعتين الأولي مؤجلة من مارس الماضي والحالية من 15 سبتمبر في ضوء ان مصر اوفت بمتطلبات تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي مع الصندوق فيما عدا المرونة – فانه في هذه الحالة يتم صرف الشريحة الثانية والثالثة بإجمالي 700 مليون دولار .
واضاف ان مصر يمكنها ايضا ان تمارس حقها في الحصول علي التمويل الاستثنائي ” تمويل الصلابة والاستدامة ” الذي اقره الصندوق في اجتماعات الرباط الماضية للدول التي تعاني من ندرة التقد الاجنبي شان الدول الاعضاء في الصندوق خاصة انه قرض ميسر للغاية يسدد علي 20 سنة فترة سماح بفاءدة لا تزيد عن 2.5 % ، مشيرا الي ان مصر مؤهلة للحصول عليه لان لديها برنامج مع الصندوق وسجلها في التعامل جيد ولم تتخلف عن السداد.
وتابع الفقي : ان إجراءات مواجهة الازمة تتطلب ايضا ضرورة تسريع وتيرة بيع حصص الشركات في برنامج الطروحات والإسراع في ايجاد حلول ابتكارية لبيع هذه الأصول في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة وتشجيع القطاع الخاص .
واضاف انه يجب كذلك الاستمرار في توقيع اتفاقيات مماثلة لاتفاق تبادل العملة والتعامل بالعملات المحلية الذي تم توقيعه مع الإمارات والصين والهند ومستقبلا مع البرازيل.