الأطفال في دائرة الخطر
تخيل نفسك أحد الكائنات الفضائية من كوكب آخر تم إرساله في مهمة خاصة إلى كوكب الأرض لوصف كيف تبدو الأشياء، وأن تُعبر بثلاث رسومات وليس بكلمات وصفًا للأشياء على كوكب الأرض وذلك استنادًا إلى العبارات التالية: العبارة الأولى : أنت تقترب من كوكب الأرض في سفينة الفضاء الخاصة بك، ارسم كوكب الأرض كما لو كنت تشاهده من الفضاء، كيف يبدو؟ العبارة الثانية : لقد هبط كل واحد في مكان مختلف ولا يمكن لأحد رؤيتك لأنك غير مرئي، انظر إلى كل شيء بعناية وحاول وضع أكبر عدد ممكن من الأشياء في الرسم الخاص بك، العبارة الثالثة : تم إرسالك مرة أخرى إلى المكان الذي زرته من قبل بعد خمسين عامًا على زيارتك الأولى لكوكب الأرض، ارسم كيف يبدو هذا المكان بعد فترة طويلة.
كان هذا هدف لدراسة قام بها بارزة Barraza استهدفت تقييم التصورات البيئية لدى أطفال المدارس الإنجليزية والمكسيكية الذين تراوحت أعمارهم من 7 إلى 9 سنوات بالصف الثالث من التعليم الابتدائي، وذلك من خلال رسوماتهم عن البيئة ومخاوفهم حول المستقبل، حيث تم جمع 741 رسمًا من ثماني مدارس ثلاثة في إنجلترا وخمسة في المكسيك.
وقد تم استخدام العبارة الأولى من أجل تعيين الحالة المزاجية ودمج الأطفال في النشاط والعبارتان الثانية والثالثة لتقييم تصورات الأطفال حول الحاضر وتوقعاتهم ومخاوفهم المستقبلية حول البيئة على التوالي، وتحديد المشكلات البيئية التي يعترف بها الأطفال من خلال الرسومات الخاصة بهم، وقد تم تحليل الرسومات لهذه العبارات بشكل منفصل وفقًا لما يلي:
• بالنسبة للعبارة الأولى: تم استخدام خمس فئات: (1) أشكال غير محددة لتمثيل الأرض والمياه ؛ (2) أشكال يُمكن التعرف عليها لتمثيل البلدان والمياه ؛ (3) الماء فقط ؛ (4) بلدان غير محددة بما في ذلك بعض أو كل العناصر التالية (الماء والحيوان والنباتات والمنازل والبشر)؛ (5) رسومات غير معروفة أو غير كاملة.
• بالنسبة للعبارة الثانية: تم استخدام أربع فئات: (1) كل شيء يبدو على ما يرام؛ (2) تصوير لمشكلة بيئية؛ (3) لم يتم تحديد مشكلة؛ (4) أماكن وحالات لا يمكن التعرف عليها.
• بالنسبة للعبارة الثالثة: تم استخدام خمس فئات: (1) تتحسن الأشياء؛ (2) تسوء الأشياء؛ (3) هناك تغيير، ولكن الطفل غير متأكد إذا كان للأفضل أو للأسوأ؛ (4) لا يوجد أي تغيير على الإطلاق؛ (5) لا يمكن التعرف عليه أو غير مكتمل.
وقد أشارت النتائج إلى أن الأطفال يُعبرون عن قلق بيئي حيث أكدت 37٪ من رسومات الأطفال وجود مشكلات بيئية منها التلوث والنفايات النووية وإزالة الغابات وفقدان الأنواع والاحترار العالمي، كما كان الأطفال متشائمين بشأن المستقبل حيث اعتقد 54٪ أن العالم سيكون في وضع أسوأ في غضون 50 عامًا، كما بيّن العديد من الأطفال القلق والاهتمام بالعالم، وأظهر البعض الخوف من مستقبل غير واضح، والبعض الآخر أظهر التشاؤم من المستقبل، وعدد قليل جدًا أظهر نظرة متفائلة للمستقبل القريب حيث كشفت رسوماتهم عن إحساس بالانسجام مع الطبيعة ورسومات للأماكن الريفية، حيث الافتقار إلى المباني والسيارات وسيطرة النقل الجوي وانتشار التكنولوجيا الحديثة، وتلك الرؤية لا تختلف عن تلك التي يتم طرحها بالأفلام، كما أعطى الأطفال المكسيكيون أهمية أكبر في رسم الأماكن الريفية حيث تدني معدلات التلوث والضوضاء وشيوع الحيوانات والزهور والماء والجبال والشمس والأشجار كما أظهرت هذه الدراسة أنه يمكن الكشف عن الكثير من تصورات الأطفال والمعلومات البيئية من خلال الرسومات، وأن الأطفال يخافون مما قد يحدث في المستقبل حيث يتلقون الكثير من المعلومات عن المشكلات البيئية من خلال الكتب وأفلام الكرتون والإعلانات التجارية والبرامج التليفزيونية وأفلام الخيال العلمي والأفلام الوثائقية ومقاطع الفيديو
أنها دعوة لتعاون الجميع لإخراج أطفالنا من دائرة الخطر إلى دائرة الأمان لنعيد السعادة إلى أنفسنا وأمنا الأرض.
أ.د/ ريهام رفعت محمد
وكيل كلية الدراسات العليا
والبحوث البيئية للدراسات العليا والبحوث وأستاذ التربية البيئية بقسم العلوم التربوية والإعلام البيئي
[email protected]