البيئة بين عصر القرود وعصر الروبوت

السيناريو الأخير للكوكب.. هل حان وقت الرحيل؟ هل فشل البشر في علاقته بالكوكب ليعلن رفع الراية البيضاء؟ هل يترك البشر دفة إدارة الكوكب لكي يستوطن عنصر آخر لإعادة الانسجام بين الكوكب ومن يسكنه؟
لقد تناولت أجزاء أفلام كوكب القرود هذه المشكلة من خلال طرح التساؤل التالي “هل تستطيع مجموعة من القرود المتطورة جينيًا أن تنهي الحضارة البشرية على كوكب الأرض”؟
وبدأت تسيطر على عقولنا فكرة العبث البشرى وهل يُمكن أن يدمر الإنسان نفسه بنفسه فالإنسان اخترع القنبلة الذرية التي حصدت أرواح ملايين البشر وعبث بالهندسة الوراثية لكي يحصد منها عسلاً، ولكن على الجانب الآخر فلم يجنى إلا علقمًا.
ففي إحدى أجزاء سلسلة كوكب القرود يضطر سيزار وجماعته من القرود إلى خوض معركة للبقاء ضد جيش من البشر يقودهم عقيد قاس، وبينما تعاني القرود هزائم وخسائر جسيمة، يعاني سيزار من صراع داخلي ضد غرائزه، ويسعى للانتقام، وينتهي الأمر بمواجهة وجهًا لوجه مع العقيد في معركة تحدد مصير كلا الجنسين ومستقبلهم على الكوكب.
ومن العبث بالجينات إلى العبث بالعقول ليبدأ خوف جديد ارتبط بالذكاء الاصطناعي حيث يشهد البشر تهديدات نشأت عن التغيرات التي غيرت شكل العالم وأوجدت نظامًا عالميًا جديدًا يعتمد على العلم والتطور التكنولوجي، ويستند إلى تقنيات عالية التقدم حيث يُعتبر الذكاء الاصطناعي أحد أهم اختراعات العصر الحديث ، ومفهومًا متداولا دخل جميع المجالات العلمية والتقنية بل والعلوم الإنسانية، فالذكاء الاصطناعي تقنيًا وليد من مجالين علميين علم السلوكيات والاعصاب وعلم المعلوماتية والذي يضم كل الخوارزميات والطرق النظرية والتطبيقية التي تعنى بأتمتة عملية اتخاذ القرارات مكان الإنسان سواء بطريقة كاملة أو جزئية بمساعدة الإنسان.
ولمعرفة ماهية الذكاء الاصطناعي يتعين أولا تحديد المقصود بالذكاء الانساني الذي يرتبط بالقدرات العقلية مثل القدرة على التكيف مع ظروف الحياة والاستفادة من التجارب والخبرات السابقة والتفكير والتحليل والتخطيط وحل المشكلات والاستنتاج السليم والاحساس بالآخرين، بالإضافة إلى سرعة التعلم، أما الذكاء الاصطناعي فهو محاكاة لذكاء الإنسان وفهم طبيعته عن طريق عمل برامج للحاسب الآلي قادرة على محاكاة السلوك الإنساني المتسم بالذكاء.
ومن ثم يعمد الذكاء الاصطناعي الربط بين الإنسان والآلة لتقديم إمكانية فورية لتغيير الطريقة التي يتم التعلم بها، وحفظ المعلومات والوصول إليها، مما يعزز الذاكرة البشرية.
ولكن أطلق العديد من العلماء صرخات تحذيرية جراء البحوث غير المنضبطة في مجال الذكاء الاصطناعي ومن عجز البشر في السيطرة على الآلات فائقة الذكاء في المستقبل وما يشكلّه الذكاء الاصطناعي على البشرية، قد يصل إلى تدمير الحضارة الإنسانية، واحتمال تصرف الذكاء الاصطناعي كأنه جنس عاقل ، ويتم الإعلان بشكل صريح أننا أحرزنا تقدما لم نتوقعه نحن أنفسنا وإن البشرية أخطأت لأنها لم تفكر في سبب الحاجة إلى اختراع الذكاء الاصطناعي وسينتهي بنا الأمر إلى تقاسم الكوكب بيننا وبينه، وقد يصل الأمر اتخاذ الذكاء الاصطناعي قرارًا بالقضاء على البشرية لإنهاء المشكلات البيئية مثل التغيرات المناخية باعتبار أن البشر المتهم الأول في احتضار الكوكب.
وهكذا بعد من عاش البشر سابقًا لحظات رعب خيالية من مجرد التفكير في سيطرة القرود على الكوكب خلف شاشات السينما، عاش حاليًا لحظات رعب حقيقية للتفكير في سيطرة الآلة على الكوكب جراء الذكاء الاصطناعي ويبقى السؤال الذي يبحث عن إجابة هل نستحق أن نكون خلفاء الله سبحانه وتعالى على الكوكب أم سيأتي الآخر ليركب على البشر لخلافة الكوكب؟


أ.د/ ريهام رفعت محمد
وكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية للدراسات العليا والبحوث وأستاذ التربية البيئية بقسم العلوم التربوية والإعلام البيئي [email protected]