الرقص على قبر التخصصات الأحادية

من حين إلى آخر تتطلق بعض الجامعات اعلانات حول برامج جديدة لجذب الدراسيين تحت مسمى برامج بينية وتداعب هذه البرامج مشاعر المتقدمين لها من قبيل أن هذه البرامج فريدة من نوعها، وتخلق فرص عمل لا حصر لها، وتواكب عصر ثورة البرامج البينية في العالم الغربي وغيرها من لمسات التجميل وأصبحت البرامج البينية موجة تعصف بالجامعات عصفًا أو موضة تتزين بها الجامعات تألقًا إنه عصر “مهرجان التخصصات البينية”.

في السنوات الأخيرة بدأت تتحول بوصلة العالم بصورة أكبر إلى العمل الجماعي القائم على التخصصات البينية والتي تشكل مجالاً خصبًا للباحثين في العصر الحديث، لما تمثله من أهمية في دراسة ظواهر المجتمع المختلفة، وقضاياه ومشكلاته المعقدة التي تحتاج إلى عبور الحواجز والقيود المعرفية فيما بين العلوم الاجتماعية والطبيعية، وأنها مطلبًا مهمًا في ظل التطور في ميادين المعرفة والبحث العلمي، وضرورة الاستفادة التكاملية بين العلوم المختلفة وتكوين عقلية علمية أكثر شمولية وتكاملية.

ومن واقع عملي الأكاديمي ودراستي في أول مكان أكاديمي متخصص في البيئة وفقًا للتخصصات البينية والمتعددة على مستوى الوطن العربي ومجال عملي بما يقارب عشرين عامًا في علوم التربية البيئية والإعلام البيئي أهمس بالنصح والارشاد لمن يطلق أية برنامج تحت مظلة برنامج بيني ومتعدد وقبل أن يبيع الوهم للمتقدمين للدراسة بهذا البرنامج أن يعلم جيدا أن التخصصات البينية والمتعددة لا تتعارض مع التخصصات الاكاديمية الأحادية التخصص أو أن عصر التخصصات الأحادية انتهى وافسح الطريق للتخصصات البينية والمتعددة ، أو حان الوقت للرقص على قبر التخصصات الأحادية ولكن التأكيد على أنه لا يمكن الاستغناء عن احداهما فنحن نحتاج إلى النظر من عدسات عدة تخصصات لكى تكتمل الصورة لكل شيء حولنا للعلم للحياة وذلك عندما نواجه مشكلات معقدة لا يمكن حلها من عدسة علم واحد.

وحتى لا يصبح اليقين وهمًا، والحقيقة سرابًا ، والافتكاسة ببرنامج ذو مسمى براق ، والانتكاسة عند إعداد برنامج رصين يخضع للمعايير الأكاديمية الدولية ، والخوض بمارثون طرح برنامج بيني يجب توضيح رؤية البرنامج المقترح ورسالته والمستهدفون من البرنامج وساعات البرنامج والمعايير الاكاديمية والبرامج المناظرة للبرنامج عالميًا وأعضاء هيئة التدريس من داخل وخارج الجامعة أو الكلية ذوى التخصصات المتعددة وتحديد طرق تقييم البرنامج البيئي المشكلة الأكبر عند وضع البرامج البينية والتي لا تتضح عادة عند طرح تلك البرامج.

أنها رسالة إلى صانعي القرار حتى لا يصبح التعليم “موضة” ومسمى البرنامج “تريند” والطلاب “سلعة” والأهالي “ضحايا” والعلماء المتخصصين “خارج دائرة صنع القرار”.

أ.د/ ريهام رفعت محمد
وكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية للدراسات العليا والبحوث وأستاذ التربية البيئية بقسم العلوم التربوية والإعلام البيئي [email protected]