طمس الحدود بين الواقع والخيال

تناولنا في المقالات السابقة أهمية الأدب البيئي للأطفال ، وما زال الحديث حول أدب الأطفال حديثًا مستمرا وسنتناول في هذه المقالة بعض آراء العلماء حول الأدب البيئي؛ فقد رأى بعض محللي أدب الطفل أن إغراق الطفل في الخيال يبدد الطاقة الإبداعية للطفل، وتجعله يحيا دائمًا في أحلام اليقظة ويخلق حالة من الانفصال بين الطفل والواقع مما يفقده القدرة على اتخاذ القرار وحل المشكلات بطريقة علمية ، بينما يرى آخرون أن الخيال متعة؛ تلك المتعة تشد الطفل وتجعله يحلق في سماوات جديدة .

والخيال في أدب الطفل لا يعني اللجوء الى عالم أسطوري بل عالم واقعى ممزوج بالخيال ولا شك أن الأساطير والحكايات الشعبية في التراث الشعبي لا تكتفي بالخيال فقط وإنما تحمل مضامين فلسفية تحمل القيمة والمعرفة .

ويتضمن الخيال العلمي أنماطًا أدبية متعددة؛ فهناك خيال علمي كشفي، وخيال علمي أسطوري، وخيال علمي رومانسي، كما أنه يمكن تدريسه من خلال العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والدين والأخلاق والبيئة .
ويرى أحد العلماء أن هناك مداخل متعددة لتدريس الخيال العلمي فيمكن تدريسه بالكتب التي تتناول روايات الخيال العلمي وتحليلها ونقدها ويمكن تدريسه بواسطة مقرر ” أفكار في الخيال العلمي ” من خلال توظيف قصص الخيال العلمي في التعبير بصورة درامية عن المشكلات المعاصرة أما المدخل الثالث فهو المدخل التاريخي للخيال العلمي والذي يهدف إلى دراسة ماهية الخيال العلمي وتتبع نموه تاريخيًا.

وفى النهاية فقد ننحاز عند الحديث الى أدب يلعب الخيال فيه دورًا فعالاً ومفيدًا ، لكننا نتردد عند الحديث حول أدب يأخذ الطفل بعيدًا عن الواقع ويلقى به في بحر الأحلام والخيال .
يجب علينا كمجتمع كبار في بعض الأحيان أن نلجأ إلى طمس الحدود بين الواقع والخيال، العلم والفن ، الحقيقة والسراب فعندما يصبح كل شيء قصة فإننا نشعر في ذلك الوقت بالخوف والقلق على كل ما حولنا من كائنات حية و معاناة كوكبنا التي قادتنا إلى الوضع الراهن حيث ارتفاع غير مسبق لدرجات الحرارة وذوبان الجليد في القطب الشمالي، وانقراض الكائنات الحية، و التلوث وغيرها من المشكلات البيئية.

لقد قدم الخيال العلمي للأدب البيئي مجموعة متنوعة من أدب نهاية العالم والتي شملت قصص الكارثة الطبيعية والغزو الخارجي والحروب النووية واصطدام كوكب الأرض مع الكواكب الأخرى و الأوبئة والطوفان والجفاف وذوبان الجليد وغيرها من الكوارث العالمية، تلك القصص التي تُجسد استعارات ممتدة لعلاقتنا الفاشلة مع الأرض و همومنا البيئية والتهديد المستمر للطبيعة والتي جسدها العديد من كُتاب أدب الخيال العلمي بانتقام الطبيعة أو غضب الطبيعة ووصف البدائل اللانهائية لنهاية العالم .

أ.د/ ريهام رفعت محمد
وكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية للدراسات العليا والبحوث وأستاذ التربية البيئية بقسم العلوم التربوية والإعلام البيئي.

[email protected]