من وكالة ناسا إلى آذان الجمهور
لابد من الاعتراف بأن الأعمال الموسيقية المُبتكرة قد تُنعش الوجدان والأحاسيس ولاسيما عند الحديث عن المشكلات البيئية بل وتُنمي الوعى بالمشكلات البيئية، وفى هذا الصدد أشار ديبرا روزنتال فى مقالة علمية تحت عنوان ” القلنسوات والغابات : موسيقى الراب مثل الأدب البيئي” إلى أن موسيقى الراب كان لها دور كبير في تنمية التنور البيئي.
وفيما يرتبط بمشكلة تغير المناخ فهناك العديد من الطرق لتقديم العديد من قصص تغير المناخ، حيث يلجأ معظم العلماء إلى الرسوم البيانية وغيرها من الطرق لتنظيم وتقديم البيانات، ومع ذلك فهناك أيضا طرق فنية تكميلية ومبتكرة للقيام بذلك، فبعض الفنانين كان لهم دور بارز في تناول مشكلة تغير المناخ والتي تستحق الإشادة والتقدير فقد كان عالم المناخ روبرت ديفيز مهتمًا بـالفجوة الواسعة بين فهم العلماء لتغير المناخ، وما يفهمه الجمهور لتغير المناخ، وجزء من ذلك يرجع إلى حقيقة أن الجمهور لا يرتبط مع الحقائق العلمية المُقدمة له في شكل رسوم بيانية، وغيرها من تقنيات تصور البيانات.
وسرعان ما بدأ البحث بنشاط عن طرق لتغيير سلوكيات البشر فيما يتعلق بتغير المناخ، فسأل روبرت ديفيز نفسه ما الذي يُمكن أن يدفع الناس في التحرك لإجراء التغيير اللازم لمنع المزيد من الضرر لكوكبنا؟ ووجد الجواب فى الموسيقى. نعم الموسيقى فبسحر النغمات والألحان قد يتحرك البشر.
لقد طور روبرت ديفيز هذا الحدث الهجين” الموسيقى والتغير المناخى ” حيث تم الجمع بين محاضرة حول تغير المناخ مع الأداء الموسيقي من قبل إحدى الفرق وتم تسمية هذا الإنتاج بمشروع ” مفترق الطرق” وعرضه لأول مرة عام 2012.
وكان الغرض من الموسيقى هو جعل الناس يفكرون في المياه والأنهار الجليدية والاحتباس الحراري ودرجات الحرارة وذلك من خلال عازف الكمان ريبيكا ماكفول والآلات الموسيقية وهكذا يُمكن للموسيقى أن تلعب دورًا مختلفًا للغاية للمستمع، هذا المشروع هو نموذج مثالي لكيفية استخدام الموسيقى في تنمية مستوى الوعي حول تغير المناخ وتشجيع السلوكيات البيئية الإيجابية.
وقد كان دانييل كراوفورد وهو طالب جامعي في جامعة مينيسوتا، يستخدم التشيلو للتواصل فى مجال علم المناخ من خلال الموسيقى، وقد استخدم أغنية بعنوان “كوكبنا الساخن “ لينقل بيانات درجة حرارة السطح من معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لوكالة ناسا الأمريكية بداية من عام 1880 حتى عام 2012 ،والنتيجة تمثيل الرسم البياني لدرجات حرارة الكوكب بالأداء الموسيقي لوصف حالة كوكبنا.
إن نهج دانييل كراوفورد يُشار إليه بإسم “صوتنة البيانات “ والذى يعتمد على تحويل سجلات درجات الحرارة العالمية إلى سلسلة من النوتات الموسيقية؛ لتنمية الوعي بمشكلات التغيرات المناخية فإذا كان لعلماء المناخ مجموعة أدوات قياسية لتوصيل بياناتهم فالموسيقيين لديهم إضافة أداة أخرى إلى صندوق تلك الأدوات، وفى ظل توقع العلماء بأن معدل الدفء الكوكبي سيزداد بنسبة 1.8 درجة مئوية بنهاية القرن الحادي والعشرين فهذا قد يوجه الموسيقيين إلي سلسلة من النوتات الموسيقية تنطلق خارج نطاق السمع البشري.
انها دعوة للموسيقيين لإنتاج موسيقى من أجل الكوكب ودعوة للمستمعين للاستماع لموسيقى قد تجد لها طريقًا في خضم تفاقم مشكلاتنا البيئية .
أ.د/ ريهام رفعت محمد
وكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية للدراسات العليا والبحوث وأستاذ التربية البيئية بقسم العلوم التربوية والإعلام البيئى
[email protected]